بالرغم من التطمينات العديدة، سواء من قوات الاحتلال الإسرائيلي أو من قوات حفظ السلام الأممية، للأهالي، بأن ما يجري في المنطقة العازلة بين سوريا والجولان السوري المحتل مجرد عملية أمنية محدودة، تتابع القوات الإسرائيلية تقدمها البطيء في ريف درعا، بالتوازي مع تحضيرات مستمرة لسيطرة مستدامة على المنطقة، سواء عبر الوجود العسكري على المرتفعات، أو من خلال أجهزة الاتصال والتجسس التي تقوم بزرعها. وفي هذا السياق، تشير مصادر أهلية في الجنوب السوري، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن قوات الاحتلال «استقدمت خلال اليومين الماضيين آليات حفر وتجريف، لتبدأ مرحلة تدمير ما تبقى من نقاط للجيش السوري، بالإضافة إلى إقامة بعض السواتر الترابية لتقطيع أوصال المنطقة، وفرض عزلة جغرافية بين قراها، في سياق حملات التضييق المستمرة على الأهالي، وعمليات التهجير في بعض قرى القنيطرة».
وإذ تلفت المصادر إلى أن وتيرة العمليات العسكرية انخفضت إلى حد ما، بعد أيام عديدة من حملات مستمرة نفذتها قوات الاحتلال، جرى خلالها أسر عدد من السوريين بحجة تعاملهم مع المقاومة، بالإضافة إلى أعمال تفتيش دقيقة بحثاً عن الأسلحة، وتدمير مقارّ عسكرية، فهي تؤكد أن إسرائيل، بحسب سلوكها على الأرض، تؤسس لوجود طويل، مشيرة إلى «المحاولات الإسرائيلية المستمرة لتوسيع قنوات التواصل مع الأهالي، وزيادة حدّة الحملة الإعلامية التي تمهّد لضم المناطق التي تقطنها الطائفة الدرزية إلى الجولان السوري المحتل». وتلفت إلى أن تلك الحملة تتسلح بمغريات عديدة، من بينها إعادة تأهيل البنى التحتية، ومدّها بخدمات متطورة، وإزالة الحواجز بين أبناء الطائفة للتواصل في ما بينهم، في وقت لا يزال فيه السكان يتمسكون بانتمائهم إلى سوريا.
وفيما قدّرت بعض المصادر المساحة التي باتت تسيطر عليها إسرائيل في الجنوب السوري بنحو 500 كيلومتر مربع، تشير المعطيات إلى أن السيطرة الفعلية تتجاوز هذا الرقم بكثير، بالنظر إلى دخول الاحتلال إلى المرتفعات الاستراتيجية، بما فيها قمة جبل الشيخ التي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته لها عن بقاء طويل فيها، لما توفره من «حماية لإسرائيل». وأتى هذا بالتزامن مع الإعلان عن تكثيف عمليات بناء المستوطنات في الجولان، بتأييد ودعم أميركي كبير، في ظل رمي واشنطن جميع القوانين والاتفاقات الدولية، والاعتراف بالمرتفعات الغنية التي احتلتها إسرائيل من سوريا على أنها جزء من دولة الاحتلال.
سياسياً، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحافي، أن «إسرائيل المستفيد الأساسي من التطورات في سوريا»، معيداً التذكير بموقف موسكو الرافض لاحتلال أيّ أرض سورية، ومندداً بالاعتداءات البرية والجوية الإسرائيلية على سوريا. وتتوافق تصريحات الرئيس الروسي مع التصريحات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي أكد أن الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل على سوريا تُشكل انتهاكاً لسيادة البلاد وسلامة أراضيها، و«لا بد أن تتوقف»، مضيفاً أنه «يجب استعادة سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها بالكامل، ولا بد من وضع حد على الفور لكل أعمال العدوان». غير أن هذه المواقف، وما سبقها من أخرى عربية وإقليمية ودولية تدين سلوك الاحتلال، لم ترقَ، حتى الآن، إلى المستوى الذي يجبر إسرائيل على التوقف عن عدوانها المستمر الذي بدأ بعد سقوط النظام، وتسبب بتدمير معظم قدرات الجيش السوري، فيما تؤكد السلطات التي باتت تحكم سوريا الآن (هيئة تحرير الشام) عدم رغبتها في خوض أي حرب مع إسرائيل.
الاخبار